فصل: ويقتل العبد بالعبد مطلقاً

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الموسوعة الفقهية الكويتية ****


الآثار المترتّبة على قسمة المنافع

61 - إذا تمت قسمة المنافع على الصّحة، ترتبت عليها آثارها، ومن هذه الآثار‏:‏

أولاً‏:‏ عدم لزومها

بمعنى أن لكلّ شريك أن ينقض المهايأة متى شاء، لكن هذا مشروط بشرائط ثلاث عند الحنفية‏:‏

الشريطة الأولى‏:‏ أن تكون القسمة عن تراض، فلا يملك شريك الانفراد بنقض قسمة الإجبار، وإلا لغا معنى الإجبار فيها، فإذا اتفق الشريكان على النقض، فهو حقّهما يريان فيه ما شاءا، ما دام الفرض انحصار الشركة فيهما‏.‏

الشريطة الثانية‏:‏ عدم تعلّق حقّ أجنبيّ‏:‏ فلو أن أحد الشريكين كان قد أجر الدار أو الأرض مثلاً في نوبته، ولم تنته مدة الإجارة بعد، فإنه لا يملك هو ولا شريكه نقض المهايأة، رعايةً لحقّ المستأجر‏.‏

الشريطة الثالثة‏:‏ أن يكون للراجع عذر‏:‏ كأن يريد بيع نصيبه، أو القسمة العينية، أما أن يريد العودة إلى الشركة في المنافع كما كانت قبل المهايأة، فليس له حقّ الرّجوع، لكن هذا خلاف ظاهر الرّواية، وجروا عليه في المجلة‏.‏ أما ظاهر الرّواية فيعطيه حق الرّجوع ونقض القسمة سواء أكان له عذر أم لا‏.‏

وقد أطلق الشافعية والحنابلة القول بأن قسمة المنافع غير لازمة، وقد ذهب ابن تيمية إلى أنها لا تكون غير لازمة إلا بعد انقضاء الدّور ‏"‏ يعني في المهايأة الزمانية ‏"‏ أما في أثنائه فلا، ولكنهم لم يلتفتوا إليه، واكتفوا بأن من استوفى من المنافع شيئاً لم يستوف شريكه مثله، تكون عليه أجرة مثل حصة شريكه، كما لو تلفت العين، وهذا هو مقتضى كلام عياض في المهايأة المكانية، أما المهايأة الزمانية فلازمة باتّفاق المالكية، وقد علم أنها عندهم لا تكون إلا زمانيةً، فحكمها اللّزوم ما لم تنقض المدة كالإجارة‏.‏

ثانياً‏:‏ أنها لا تنتهي بموت أحد الشريكين أو كليهما

لأنها لو انتهت لاحتاج القاضي إلى تجديدها‏;‏ لأنها تكون أكثر ما تكون، فيما لا ينقسم، ولا بد إذن أن الورثة سيطلبون إعادتها، ولو فرضناها فيما ينقسم، فقد يطلبون إعادتها، ولم يتعرض غير الحنفية لهذه المسألة‏.‏

ثالثاً‏:‏ أنها تنتهي بتلف العين

كما لو ماتت الدابة، أو الدابتان أو إحداهما، أو انهدمت الدار، أو الداران أو إحداهما، لفوات محلّ القسمة، وهذا ما لا يحتمل الخلاف‏.‏

رابعاً‏:‏ أنه لا ضمان إذا انتهت بغير فسخ

قال الحنفية‏:‏ إذا تهايآ في دابتين استخداماً، فماتت إحداهما، انتقضت المهايأة‏.‏ ولو ندت إحداهما الشهر كله، واستخدم الآخر الشهر كله، فلا ضمان ولا أجرة، وكان يجب أن يكون عليه نصف أجرة المثل، ولو عطب أحد الخادمين في خدمة من شرط له هذا الخادم فلا ضمان عليه، وكذا المنزل لو انهدم، وهذا الذي أشاروا إلى استدراكه بقولهم‏:‏ وكان يجب أن يضمن نصف أجرة المثل هو مذهب الشافعية والحنابلة‏.‏

خامساً‏:‏ اختصاص كلّ شريك بالتصرّف فيما وقع له بالمهايأة في حدود طبيعة العقد

أي قسمة المنافع، ويصرّح الحنفية بأنه ليس لأحد من الشريكين أن يحدث بناءً أو ينقضه أو يفتح باباً‏.‏

ويدخل في هذا الأثر حقّ الاستغلال، ولكنها مسألة مهمة فنفردها بالبحث‏:‏

حقّ الاستغلال

لكلّ واحد من الشريكين حقّ استغلال ما أصاب بالمهايأة، أي تأجيره للغير، وأطلق في الهداية ثبوت هذا الحقّ بالمهايأة، سواء شرط في العقد أم لم يشرط، ردّاً على من زعم توقّفه على شرطه، وعلله بأن المنافع تحدث على ملكه، فلا فرق بين انتفاعه بها بنفسه مباشرةً وانتفاعه بها بطريق التأجير‏.‏

ونقضوه بالعارية، على أصل الحنفية‏:‏ من أن المنافع فيها تحدث أيضاً على ملك المستعير، فإنه مع ذلك لا يملك الإجارة - فإن كان حذراً من رجوع المستعير، فلم لا يكون هنا كذلك - حذراً من رجوع الشريك‏.‏

ولكنه نقض غير وارد بناءً على أصل الشافعية وموافقيهم من أن المستعير لا يملك المنفعة، وإنما يملك حق الانتفاع، ولذا يعرّفونها بأنها‏:‏ إباحة الانتفاع بما يحلّ الانتفاع به مع بقاء عينه، وقد فرق صاحب البدائع بين حالتين‏:‏

أ - حالة المهايأة المكانية‏:‏ وهذه يسلم فيها بحقّ الاستغلال بإطلاق‏.‏ وبنفس العلة الآنفة، ويعقّب هنا قائلاً‏:‏ وبه يتبين أن المهايآت في هذا النوع ليست بإعارة‏;‏ لأن العارية لا تؤجر‏.‏

ب - حالة المهايأة الزمانية‏:‏ وهذه نقل فيها روايتين‏:‏ إحداهما‏:‏ للقدوريّ‏:‏ وهي تمنع الاستغلال، بناءً على أن هذا النوع من المهايآت عارية، والعارية لا تؤجر، والأخرى للأصل، وهي مصرّحة بجواز الاستغلال وقسمة الزائد منه، وقد حاول صرفها عن ظاهرها، نقلاً عن بعض من تقدمه‏.‏

لكن شراح الهداية رفضوا البناء على أنها عارية، لمكان المعاوضة فيها‏.‏

سادساً‏:‏ أنه لا ضمان للنقص بالاستعمال ففي الفتاوى الهندية‏:‏ لو عطب أحد الخادمين في خدمة من شرط له هذا الخادم، فلا ضمان عليه، وكذلك المنزل لو هدم من سكنى من شرط له، فلا ضمان، وكذلك لو احترق المنزل من نار أوقدها فيه ‏"‏ أي بلا تعدّ ‏"‏ فلا ضمان‏.‏

وقد صرح به الشافعية إذ قالوا‏:‏ إن يد كلّ واحد من المتهايئين يد أمانة، وهو مقتضى نصّ المالكية على أنها كالإجارة، ولكن الحنابلة يقولون بالضمان كالعارية أي إن الشريك يضمن التلف في نوبته بغير الاستعمال المعتاد - وإن لم يفرّط - كما لو كان بسرقة أو حريق‏.‏

قِصاص

التعريف

1 - من معاني القصاص في اللّغة‏:‏ تتبّع الأثر، يقال‏:‏ قصصت الأثر تتبعته‏.‏

ومن معانيه‏:‏ القَوَد، يقال‏:‏ أقصّ السّلطان فلاناً إقصاصاً‏:‏ قتله قوداً، وأقصَّه من فلان‏:‏ جرحه مثل جرحه، واستقصَّه‏:‏ سأله أن يقصه‏.‏

قال الفيّوميّ‏:‏ ثم غلب استعمال القصاص في قتل القاتل، وجرح الجارح وقطع القاطع‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ القصاص أن يُفعل بالفاعل الجاني مثل ما فعل‏.‏

الألفاظ ذات الصّلة

أ - الثأر‏:‏

2 - الثأر في اللّغة‏:‏ الدم، والطلب به‏.‏

ولا يخرج المعنى الاصطلاحيّ عن المعنى اللّغويّ‏.‏

والعلاقة بين الثأر والقصاص‏:‏ أن القصاص يقتصر فيه على الجاني المكافئ فلا يؤخذ غيره بجريرته، أما الثأر فلا يبالي وليّ الدم في الانتقام من الجاني أو سواه‏.‏

ب - الحدّ‏:‏

3 - الحدّ في اللّغة‏:‏ المنع، والحاجز بين الشيئين،ومنه سمّي البواب حداداً للمنع من الدّخول‏.‏ وفي الاصطلاح‏:‏ عقوبة مقدرة وجبت حقّاً لله تعالى‏.‏

والعلاقة بين الحدّ والقصاص‏:‏ أن كليهما عقوبة على جناية، إلا أن الأول وجب حقّاً لله تعالى غالباً، والثاني وجب حقّاً للمجنيّ عليه أو أوليائه‏.‏

‏(‏ر‏:‏ حدود ف /1 - 2‏)‏‏.‏

ج - الجناية‏:‏

4 - الجناية في اللّغة‏:‏ الذنب والجرم، وتجنى عليه‏:‏ إذا ادعى ذنباً لم يفعله‏.‏

وفي الاصطلاح، قال ابن عابدين‏:‏ هي اسم لفعل محرم حل بمال أو نفس‏.‏

والعلاقة بين الجناية والقصاص‏:‏ السببية، فقد تكون الجناية سبباً لوجوب القصاص‏.‏

د - التعزير‏:‏

5 - التعزير في اللّغة‏:‏ التوقير، والتعظيم والتأديب، ومنه الضرب دون الحدّ‏.‏

وفي الاصطلاح‏:‏ عقوبة غير مقدرة وجبت حقّاً لله تعالى أو لآدميّ، في معصية ليس فيها حدّ ولا كفارة غالباً‏.‏

والعلاقة بين التعزير والقصاص‏:‏ أن القصاص مقدر بما يساوي الجناية، والتعزير غير مقدر بذلك‏.‏ ثم إن القصاص حقّ للمجنيّ عليه أو لأوليائه، أما التعزير فقد يكون كذلك، وقد يكون لحقّ الله تعالى‏.‏

هـ - العقوبة‏:‏

6 - العقوبة في اللّغة‏:‏ اسم من عاقب يعاقب عقاباً ومعاقبةً، وهو أن تجزي الرجل بما فعل سوءاً، وعاقبه بذنبه‏:‏ إذا أخذه به‏.‏

وفي الاصطلاح عرفها ابن عابدين بأنها‏:‏ جزاء بالضرب أو القطع أو الرجم أو القتل، وسمّي بها لأنها تتلو الذنب، ومن تعقبه‏:‏ إذا تبعه‏.‏

والعلاقة بين العقوبة والقصاص عموم وخصوص مطلق، فالقصاص ضرب من العقوبة‏.‏

الحكم التكليفيّ

7 - اتفق الفقهاء على أن حكم القصاص الوجوب على وليّ الأمر إذا رفع إليه من مستحقّه، ومباح طلبه من قبل مستحقّه إذا استوفى شروطه، فله أن يطالب به، وله أن يصالح عليه، وله أن يعفو عنه، والعفو أفضل، ثم الصّلح‏.‏

وسواء في ذلك كلّه أن تكون الجناية على النفس أو على ما دونها‏.‏

وذلك لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى‏}‏، وقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏وَمَن قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلاَ يُسْرِف فِّي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً‏}‏‏.‏ وقوله جل من قائل‏:‏ ‏{‏وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ‏}‏، وقول النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين‏:‏ إما أن يودى، وإما أن يقاد»، وما رواه أنس - رضي الله تعالى عنه - «أن الرّبيّع بنت النضر بن أنس كسرت ثنية جارية، فعرضوا عليهم الأرش فأبوا، وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بالقصاص فجاء أخوها أنس بن النضر فقال‏:‏ يا رسول الله أتكسر ثنية الرّبيّع، والذي بعثك بالحقّ لا تكسر ثنيتها‏.‏ فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كتاب الله القصاص قال‏:‏ فعفا القوم‏.‏ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره»‏;‏ ولأن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص، فكان كالنفس في وجوب القصاص‏.‏

أسباب القصاص

8 - أسباب القصاص هي‏:‏ القتل والقطع والجرح والشّجاج وإزالة معاني الأعضاء، وبيان ذلك فيما يأتي‏:‏

القصاص في الجناية على النفس

9 - القصاص في النفس سببه القتل العمد بشروط خاصة سوف يأتي تفصيلها‏.‏

شروط القصاص في النفس

10 - للقصاص في النفس شروط في القاتل، والمقتول، وفعل القتل، لا يجب القصاص على القاتل إلا بتوفّرها، وقد اتفق الفقهاء في بعض هذه الشّروط واختلفوا في بعضها الآخر، كما يلي‏:‏

أ - التكليف‏:‏

11 - اتفق الفقهاء على أنه يشترط في القاتل لوجوب القصاص عليه أن يكون مكلفاً، أي عاقلاً بالغاً عند القتل، فلا يجب القصاص على القاتل إذا كان صغيراً أو مجنوناً جنوناً مطبقاً عند القتل‏.‏

فإذا قتله عاقلاً ثم جن فقد ذهب الحنفية إلى أنه إن دفعه القاضي للوليّ عاقلاً ثم جُنَّ اقتص منه، وإن جُن قبل دفعه سقط عنه القصاص ووجبت الدّية بدلاً منه استحساناً، وكذلك إذا جن قبل القضاء عليه بالقصاص، فإنه لا يقتصّ منه‏;‏ لأن شرط وجوب القصاص عليه كونه مخاطباً حالة الوجوب وذلك بالقضاء ويتمّ بالدفع، فإذا جنَّ قبل الدفع تمكن الخلل في الوجوب فصار كما لو جن قبل القضاء‏.‏

فإن كان يجنّ ويفيق، فإن قتل في إفاقته قضي عليه بالقصاص، فإن جن بعد ذلك مطبقاً سقط القصاص، وإن غير مطبق قتل قصاصاً بعد إفاقته‏.‏

وذهب المالكية إلى أنه ينتظر إلى حين إفاقته ثم يقتصّ منه‏.‏

فإذا كان القاتل مجنوناً جنوناً متقطّعاً، فإن قتله في حال صحوه اقتص منه في حال صحوه، وإن قتله في حال جنونه لم يقتص منه‏.‏

وذهب الشافعية إلى أنه إن قتله وهو مجنون جنوناً مطبقاً فلا قصاص عليه‏.‏

وإن كان جنونه متقطّعاً، فإن قتله حال الجنون فلا قصاص عليه لأنه قتله حال الجنون وهو فيها غير مكلف، وإن قتله حال الإفاقة، أو قتله وهو عاقل ثم جن وجب القصاص عليه، ويقتصّ منه حال جنونه‏.‏

وذهب الحنابلة إلى أنه إن قتله وهو عاقل ثم جن لم يسقط القصاص عنه، ثم يقتصّ منه في حال جنونه إن ثبت القتل ببيّنة، فإن ثبت بإقراره لم يقتص منه حتى يصحو‏;‏ لاحتمال رجوعه عن إقراره‏.‏

ومثل الجنون‏:‏ النوم والإغماء لعدم التكليف، للحديث الشريف‏:‏ «إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنّسيان وما استكرهوا عليه»‏.‏

أما السكران، فقد ذهب الحنفية والمالكية، وكذلك الشافعية والحنابلة في المذهب عندهما إلى أنه إن قتل وهو سكران، فإن كان سكره بمحرم وجب القصاص عليه، وإن كان سكره لعذر كالإكراه فلا قصاص عليه‏.‏

وقال أبو الخطاب من الحنابلة‏:‏ إن وجوب القصاص عليه مبنيّ على وقوع طلاقه، وفيه روايتان، فيكون في وجوب القصاص عليه وجهان‏.‏

ب - عصمة القتيل‏:‏

12 - اتفق الفقهاء على أن من شرط وجوب القصاص على القاتل أن يكون القتيل معصوم الدم، أو محقون الدم في حقّ القاتل‏.‏

فإذا كان القتيل مهدر الدم في حقّ جميع الناس - كالحربيّ والمرتدّ - لم يجب بقتله قصاص مطلقاً‏.‏

فإذا كان مهدر الدم في حقّ بعض الناس دون سائرهم، كالقاتل المستحقّ للقصاص، فإنه مهدر الدم في حقّ أولياء القتيل خاصةً، فإن قتله أجنبيّ قتل به قصاصاً‏;‏ لأنه غير مهدر الدم في حقّه، وإن قتله وليّ الدم لم يقتص منه‏;‏ لأنه مهدر الدم في حقّه‏.‏

إلا أن الحنفية والحنابلة اشترطوا أن يكون المقتول محقون الدم في حقّ القاتل على التأبيد كالمسلم، فإن كانت عصمته مؤقتةً كالمستأمن لم يقتل به قاتله‏;‏ لأن المستأمن مصون الدم في حال أمانه فقط، وهو مهدر الدم في الأصل، لأنه حربيّ، فلا قصاص في قتله، إلا أن يكون قاتله مستأمناً أيضاً عند الحنفية، فيقتل به للمساواة لا استحساناً، وقيل‏:‏ لا يقتل على الاستحسان، وروي عن أبي يوسف القصاص في قتل المسلم المستأمن‏;‏ لقيام العصمة وقت القتل‏.‏

وذهب المالكية والشافعية إلى أنه لا يشترط في العصمة التأبيد، وعلى ذلك يقتل قاتل المستأمن، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ‏}‏‏.‏

ج - المكافأة بين القاتل والقتيل‏:‏

13 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أن من شروط وجوب القصاص في القتل المكافأة بين القاتل والقتيل في أوصاف اعتبروها، فلا يقتل الأعلى بالأدنى، ولكن يقتل الأدنى بالأعلى وبالمساوي‏.‏ وخالف الحنفية، وقالوا‏:‏ لا يشترط في القصاص في النفس المساواة بين القاتل والقتيل، إلا أنه لا يقتل عندهم المسلم ولا الذّمّيّ بالحربيّ، لا لعدم المساواة بل لعدم العصمة‏.‏

إلا أن الجمهور اختلفوا في الأوصاف التي اعتبروها للمكافأة‏.‏

فذهب المالكية والحنابلة إلى اشتراط المساواة بين القاتل والقتيل في الإسلام والحرّية‏.‏ أو أن يكون القتيل أزيد من القاتل في ذلك، فإذا كان القاتل أزيد من القتيل فيهما فلا قصاص، فإن كان كلّ منهما أنقص من الآخر في أحدهما، كان نقص الكفر أكثر من نقص الرّقّ عند المالكية، وعلى ذلك فلا يقتل مسلم ولو عبداًبكافر ولو حرّاً، ولا حرّ برقيق إلا أن يكون المقتول زائد إسلام، فيقتل حرّ كتابيّ برقيق مسلم كما سيأتي ترجيحاً جانب الإسلام على الحرّية‏.‏

وعند الحنابلة لا يقتل الكافر الحرّ بالعبد المسلم‏;‏ لأن الحر لا يقتل بالعبد مطلقاًعندهم، كما لا يقتل العبد المسلم بالحرّ الكافر‏;‏ لأن المسلم لا يقتل بالكافر مطلقاً، فإذا قتل من نصفه حرّ عبداً لم يقتل به، وإذا قتل حرّ من نصفه عبد لم يقتل به أيضاً لعدم المكافأة‏.‏

ويقتل العبد القنّ بالمكاتب، ويقتل المكاتب به، ويقتل كلّ واحد منهما بالمدبّر وأمّ الولد - والعكس - لأن الكل عبيد‏.‏

ويقتل العبد بالعبد مطلقاً

واختلف المالكية في الوقت الذي تعتبر فيه المساواة في القتل الموجب للقود، قال الدّسوقيّ‏:‏ لا بد في القود من المكافأة في الحالات الثلاث‏:‏ حالة الرمي وحالة الإصابة وحالة الموت، ومتى فقد التكافؤ في واحد منها سقط القصاص، وبين هنا أنه في الخطأ والعمد الذي فيه مال إذا زالت المكافأة بين السبب والمسبب، أو عدمت قبل السبب وحدثت بعده وقبل المسبب ووجبت الدّية، كان المعتبر في ضمانها وقت المسبب، وهو وقت الإصابة في الجرح ووقت التلف في الموت، ولا يراعى فيه وقت السبب وهو الرمي على قول ابن القاسم، ورجع إليه سحنون خلافاً لأشهب‏.‏

إلا أن المالكية استثنوا من اشتراط المساواة في الإسلام والحرّية هنا القتل غِيلةً، وقالوا بوجوب القصاص فيه من غير هذين الشرطين، قال الدردير‏:‏ إلا الغيلة - بكسر الغين المعجمة، وهي القتل لأخذ المال - فلا يشترط فيه الشّروط المتقدّمة، بل يقتل الحرّ بالعبد والمسلم بالكافر‏.‏

أما الحنابلة فوقت المساواة المشترط عندهم هو وقت القتل، قال ابن قدامة‏:‏ فإن قتل كافر كافراً ثم أسلم القاتل‏.‏‏.‏‏.‏ فقال أصحابنا‏:‏ يقتصّ منه‏.‏‏.‏‏.‏ لأن القصاص عقوبة فكان الاعتبار فيها بحال وجوبها دون حال استيفائها كالحدود، ويحتمل أن لا يقتل به، وهو قول الأوزاعيّ‏.‏

ويستوي عند الحنابلة القتل غيلةً وغيره، قال ابن قدامة‏:‏ وقتل الغيلة وغيره سواء في القصاص والعفو، وذلك للوليّ دون السّلطان‏.‏

وذهب الشافعية إلى اشتراط المساواة بين القاتل والقتيل في الإسلام والأمان والحرّية والأصلية والسّيادة، فلا يقتل مسلم ولو زانياً محصناً بذمّيّ لخبر‏:‏ «لا يقتل مسلم بكافر»‏.‏

ولأنه لا يقاد المسلم بالكافر فيما دون النفس بالإجماع، ففي النفس أولى‏.‏‏.‏‏.‏ ويقتل ذمِّيٌّ به أي المسلم لشرفه عليه، ويقتل أيضاً بذمّيّ وإن اختلفت مِلَّتُهُمَا، ومعاهد ومستأمن ومجوسيّ وعكسه‏;‏ لأن الكفر كله ملَّة واحدة من حيث إن النسخ شمل الجميع‏.‏

والأظهر‏:‏ قتل مرتدّ بذمِّيٍّ ومستأمن ومعاهد سواء عاد المرتدّ إلى الإسلام أم لا‏;‏ لاستوائهما في الكفر، بل المرتدّ أسوأ حالاً من الذّمّيّ لأنه مهدر الدم‏.‏ والثاني‏:‏ لا يقتل به لبقاء عُلقة الإسلام في المرتدّ، والأظهر أيضاً‏:‏ قتل مرتدّ بمرتدّ لتساويهما، كما لو قتل ذمّيّ ذمّيّاً، والثاني‏:‏ لا‏;‏ لأن المقتول مباح الدم، لا ذمّيّ بمرتدّ في الأظهر، والثاني يقتل به أيضاً، ويقتل المرتدّ بالزاني المسلم المحصن كما يقتل بالذّمّيّ، ولا يقتل زان محصن به لاختصاصه بفضيلة الإسلام، ولخبر‏:‏ «لا يقتل مسلم بكافر»، ولا يقتل حرّ بمن فيه رقّ وإن قل، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ‏}‏، وسواء في ذلك المكاتب والمدبر وأمّ الولد وعبده وعبد غيره‏.‏

ويقتل قِنٌّ ومدبَّر ومكاتب وأمّ ولد بعضهم ببعض ولو كان المقتول لكافر والقاتل لمسلم للتساوي في الملك، واستثني المكاتب إذا قتل عبده لا يقتل به كما لا يقتل الحرّ بعبده‏.‏

وَمَنْ بَعْضُهُ حرّ لو قتل مثله أي مبعضاً، سواء ازدادت حرّية القاتل على حرّية المقتول أم لا، لا قصاص، وقيل‏:‏ إن لم تزد حرّية القاتل وجب القصاص، سواء أتساويا أم كانت حرّية المقتول أكثر، أما إن كانت حرّية القاتل أكثر فلا قصاص قطعاً‏;‏ لانتفاء المساواة‏.‏

والفضيلة في شخص لا تجبر النقص فيه، فلا قصاص واقع بين عبد مسلم وحرّ ذمّيّ‏;‏ لأن المسلم لا يقتل بالذّمّيّ، والحرّ لا يقتل بالعبد، ولا تجبر فضيلة كلّ منهما نقيصته‏.‏

وسيأتي الكلام في وصفي الأصلية والسّيادة‏.‏

والشافعية يعتبرون المساواة المشروطة في القصاص في النفس وقت القتل، وهو وقت انعقاد سبب القصاص، وعلى ذلك لو أسلم الذّمّيّ، الذي قتل كافراً مكافئاً له لم يسقط القصاص لتكافئهما حالة الجناية‏;‏ لأن الاعتبار في العقوبات بحال الجناية، ولا نظر لما يحدث بعدها، ولذلك لو جرح ذمّيّ أو نحوه ذمّيّاً أو نحوه وأسلم الجارح، ثم مات المجروح بسراية تلك الجراحة لا يسقط القصاص في النفس في الأصحّ، للتكافؤ حالة الجرح‏.‏

د - أن لا يكون القاتل حربيّاً‏:‏

14 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا قصاص على القاتل إذا كان حربيّاً، حتى ولو أسلم، قال الشافعية، لما تواتر من فعله صلى الله عليه وسلم والصحابة من بعده من عدم القصاص ممن أسلم كوحشيّ قاتل حمزة ولعدم التزامه أحكام الإسلام، ولكن يقتل بما هدر به دمه، وعلى ذلك فلو قتل حربيّ مسلماً لم يقتل به قصاصاً، ويقتل لإهدار دمه، فإذا أسلم سقط القتل والقصاص‏.‏

هـ - أن يكون القاتل متعمّداً القتل‏:‏

15 - اتفق الفقهاء على أن القصاص لا يجب في غير القتل العمد، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «العمْد قَوَد»، قال الكاسانيّ‏:‏ لأن القصاص عقوبة متناهية فلا تجب إلا في جناية متناهية، والجناية لا تتناهى إلا بالعمد، والقتل العمد هو قصد الفعل والشخص بما يقتل غالباً‏.‏ والتفصيل في مصطلح ‏(‏قتل عمد ف /1‏)‏‏.‏

و - أن يكون القاتل مختاراً‏:‏

16 - ذهب المالكية والشافعية والحنابلة وزفر من الحنفية إلى أن الإكراه لا أثر له في إسقاط القصاص عن المكرَه، فإذا قتل غيره مكرهاً لزمه القصاص، ولزم القصاص المكرِه أيضاً وذلك في الجملة‏.‏

وذهب الحنفية إلى أن من شروط القصاص أن يكون القاتل مختاراً اختيار الإيثار، فلا قصاص على مكرَه إكراهاً ملجئاً استوفى شروطه الأخرى، وهل يجب القصاص على المكرِه‏؟‏

فيه تفصيل ينظر في مصطلح ‏(‏إكراه ف /19‏)‏‏.‏

أما الإكراه غير الملجئ فلا أثر له ويقتصّ معه من القاتل‏.‏

وتفصيل ذلك في مصطلح ‏(‏إكراه ف /19 - 24‏)‏‏.‏

ز - أن لا يكون المقتول جزء القاتل أو من فروعه‏:‏

17 - ذهب الجمهور إلى أنه لا يقتل والد بولده مطلقًا، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يقاد الوالد بالولد»‏;‏ ولأنه كان سبب حياته فلا يكون الولد سبباً في موته، وفي حكم الوالد هنا كلّ الأصول من الذّكور والإناث مهما بعدوا، فيدخل في ذلك الأمّ والجدات وإن علون من الأب كن أم من الأمّ، كما يدخل الأجداد وإن علوا من الأب كانوا أو من الأمّ‏;‏ لشمول لفظ الوالد لهم جميعاً‏.‏

وروي عن أحمد أن الأم تقتل بالابن خلافاً للأب، والصحيح أنها كالأب فلا تقتل بالابن‏.‏

وذهب المالكية إلى أن الأب إذا قتل ابنه قتل به إذا كان قصد إزهاق روحه واضحاً، فإذا لم يكن واضحاً لم يقتل به، قال الدردير‏:‏ وضابطه أن لا يقصد إزهاق روحه، فإن قصده كأن يرمي عنقه بالسيف، أو يضجعه فيذبحه ونحو ذلك فالقصاص‏.‏

وهذا كلّه في الوالد النَّسَبيّ، قال الحنابلة‏:‏ أما الوالد من الرضاع فإنه يقتل بولده من الرضاع لعدم الجزئية الحقيقية‏.‏

ح - أن لا يكون المقتول مملوكاً للقاتل‏:‏

18 - اتفق الفقهاء على أن العبد إذا قتل سيّده قتل به، أما السيّد إذا قتل عبداً أو أمةً مملوكين له، فإنه لا يقتل بهما، لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ «لا يقتل حرّ بعبده»‏.‏

ومثل المملوك هنا من له فيه شبهة ملك، أو كان يملك جزءاً منه، فإنه لا قصاص‏;‏ لأنه لا يمكن استيفاء بعض القصاص دون بعض‏;‏ لأنه غير متجزّئ‏.‏

كما لا يقتل المولى بمدبّره، وأمّ ولده، ومكاتبه‏;‏ لأنهم مماليكه حقيقةً‏.‏

ط - أن يكون القتل مباشراً‏:‏

19 - ذهب الجمهور إلى وجوب القصاص في المباشرة والتسبّب على سواء، إذا توافرت شروط القصاص الأخرى‏.‏

ومذهب الحنفية‏:‏ أن يكون القتل مباشرةً، فلو قتله بالسبب كمن حفر بئراً في الطريق فوقع فيها إنسان فمات فلا قصاص على الحافر، وكذلك الشاهد إذا شهد بالقتل فاقتص من القاتل بشهادته ثم رجع عن الشهادة، أو ثبت أنه كان كاذباً لثبوت حياة المقتول، فإنه لا يقتصّ منه عندهم‏.‏

ي - أن يكون القتل قد حدث في دار الإسلام‏:‏

20 - ذهب الشافعية والحنابلة إلى أن من قتل مسلماً في دار الحرب فعليه القود، لإطلاق الآيات الكريمة والأحاديث الشريفة الدالة على وجوب القصاص من غير تفريق بين دار ودار‏.‏ وعند الحنفية إذا أسلم الحربيّ ولم يهاجر إلينا فقتله مسلم في دار الحرب لم يقتل به‏;‏ لأنه من أهل دار الحرب مكاناً، فكان كالمحارب لا عصمة له، وكذلك إذا كان تاجران مسلمان في دار الحرب فقتل أحدهما الآخر فإنه لا قصاص فيه أيضاً‏.‏

ك - العدوان‏:‏

21 - اتفق الفقهاء على أن القصاص لا يجب في القتل العمد إذا لم يكن فيه عدوان، والعدوان يعني تجاوز الحدّ والحقّ، فإذا قتله بحقّ أو بإذن القتيل لم يقتل به لعدم الاعتداء، وعلى ذلك يخرج القتل قصاصاً، أو حدّاً، أو دفاعاً عن النفس، أو دفاعاً عن المال كقتل السارق والغاصب، أو تأديباً، أو تطبيباً في الجملة، فإن القتل في هذه الأحوال كلّها لا يجب فيه القصاص لعدم الاعتداء‏.‏

والتفصيل في ‏(‏إذن ف / 39 و 58 و 60، وتأديب ف / 11، وتطبيب ف / 7، وصيال ف / 6‏)‏‏.‏

ل - أن لا يكون وليّ الدم فرعاً للقاتل‏:‏

22 - لو كان وليّ الدم فرعاً للقاتل، كأن ورث القصاص عليه، سقط القصاص، وهو ممنوع للجزئية، لأنه لا يقتل والد بولده، وكذلك إذا كان الفرع أحد المستحقّين للقصاص، فإنه يسقط القصاص كلّه‏;‏ لأنه لا يتجزأ‏.‏

م - أن يكون وليّ الدم في القصاص معلوماً‏:‏

23 - وهذا شرط نص عليه الحنفية، فإذا كان وليّ الدم مجهولاً لا يجب القصاص‏;‏ لأن وجوب القصاص وجوب للاستيفاء، واستيفاء المجهول متعذّر فتعذر الإيجاب‏.‏

ن - أن لا يكون للقاتل شريك في القتل سقط القصاص عنه‏:‏

24 - إذا سقط القصاص عن أحد المشاركين في القتل لأيّ سبب كان غير العفو عنه سقط القصاص عن الجميع عند الحنفية، لأن القتل واحد، ولا يمكن أن يتغير موجبه بتغيّر المشاركين فيه، فإن كان أحد القاتلين صغيراً أو مجنوناً أو أباً أو مدافعاً عن نفسه أو ماله‏.‏‏.‏‏.‏ سقط القصاص عن الجميع‏.‏

أما إذا قتل اثنان رجلاً، فعفا الوليّ عن أحدهما فإنه لا يسقط القصاص عن الثاني بذلك، ولكن له أن يقتص منه، وله أن يعفو عنه كالأول، وقال أبو يوسف‏:‏ إذا عفا عن أحدهما سقط القصاص عن الثاني‏.‏

هذا ما دام الوليّ العافي واحداً، فإذا كان للقتيل أولياء فعفا أحدهم، سقط القصاص للباقين باتّفاق الحنفية‏;‏ لأن القصاص لا يتجزأ، فإذا قتل إنسان رجلين، فعفا وليّ أحدهما دون الآخر، سقط حقّ الأول وبقي حقّ الثاني في القصاص على حاله‏.‏

وذهب المالكية إلى وجوب القصاص على شريك الصبيّ إن تمالآ على قتله، فإن لم يتمالآ على قتله وتعمدا قتله، أو الكبير فقط، فلا قصاص على الكبير‏;‏ لاحتمال أن ضرب الصغير هو القاتل، إلا أن يدعي أولياء القتيل أنه مات بضرب الكبير، ويقسمون على ذلك فيقتل الكبير‏.‏ ولا قصاص على شريكِ مخطئٍ أو مجنون، وهل يقتصّ من شريكِ سبعٍ، أو جارح نفسه جرحاً يموت منه غالباً، أو شريك حربيّ لم يتمالآ على قتله، وإلا اقتص من الشريك‏.‏ أو شريكِ مَرَضٍ، بأن جرحه ثم مرض مرضاً يموت منه غالباً ثم مات، ولم يدر أمات من الجرح أم من المرض‏؟‏ قولان للمالكية، والراجح في شريك المرض القصاص، وفي غيره لا يوجد ترجيح، قال الدّسوقيّ‏:‏ والراجح في شريك المرض الحادث بعد الجرح القسامة ويثبت القود في العمد، وكلّ الدّية في الخطأ، أما إذا كان المرض قبل الجرح فإنه يقتصّ من الجارح اتّفاقاً، وقال‏:‏ وأما المسائل الثلاث الْأُول فالقولان فيها على حدّ سواء كما قرره شيخنا‏.‏

وذهب الشافعية‏:‏ إلى أنه لا يقتصّ من شريكِ مخطئٍ أو شبه عمد، ويقتصّ من شريك من امتنع قوده لمعنىً فيه إذا تعمدا جميعاً، فلا يقتل شريك مخطئ وشبه مخطئ وشبه عمد‏;‏ لأن الزّهوق حصل بفعلين أحدهما يوجبه والآخر ينفيه، فغلب المسقط‏.‏

ويقتل شريك الأب في قتل ولده، وعلى الأب نصف الدّية مغلظةً، وفارق شريك الأب شريك المخطئ بأن الخطأ شبهة في فعل الخاطئ والفعلان مضافان إلى محلّ واحد، فأورث شبهةً في القصاص كما لو صدرا من واحد، وشبهة الأبوة في ذات الأب لا في ذات الفعل، وذات الأب متميّزة عن ذات الأجنبيّ، فلا تورث شبهةً في حقّه‏.‏

وذهب الحنابلة إلى أنه لو قتل جماعة واحداً، وكان أحد الجماعة أباً للقتيل سقط القصاص عن الأب وحده، ووجب على الآخرين، لأن كلّاً منهم قاتل يستحقّ القصاص منفرداً، فكذلك إذا كان في جماعة، وفي رواية عن أحمد‏:‏ لا قصاص على الأب ولا على شركائه كالحنفية‏;‏ لأن القتل منهم جميعاً، فلا يختلف وصفه من واحد منهم عن الآخر، وما دام قد سقط عن أحدهم فإنه يسقط عن الباقين‏.‏

ومثل الأب هنا كلّ من سقط القصاص عنه لمعنىً فيه من غير قصور في السبب ففيه الرّوايتان عن أحمد، كالذّمّيّ مع المسلم، والحرّ مع العبد في قتل العبد، فإذا اشترك في القتل صبيّ ومجنون وعاقل سقط القصاص عنهم جميعاً في الأصحّ‏;‏ لأن سقوط القصاص عن الصبيّ والمجنون لمعنىً في فعله، وفي رواية عن أحمد أنه يسقط عن الصبيّ والمجنون فقط، ويجب

على العاقل‏.‏

قتل الجماعة بالواحد

25 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لو تواطأ جماعة على قتل واحد معصوم الدم، فإن الجمع يقتلون بالفرد الذي تم التواطؤ على قتله، لما روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل سبعةً من صنعاء قتلوا رجلاً، وقال‏:‏ ‏"‏لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلتهم جميعاً ‏"‏‏.‏

والتفصيل في مصطلح ‏(‏تواطؤ ف / 7‏)‏‏.‏

وليّ القصاص في النفس

26 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أن القصاص حقّ المجنيّ عليه أولاً‏;‏ لأن الجناية وقعت عليه فكان الجزاء حقه، وعلى ذلك فإذا عفا المجنيّ عليه بشروطه سقط القصاص، فإذا مات المجنيّ عليه من غير عفو، انتقل القصاص إلى الورثة على سبيل الاشتراك بينهم، كلّ منهم حسب حصته في التركة، يستوي فيهم العاصب وصاحب الفرض، والذكر والأنثى، والصغير والكبير، فإذا مات مديناً بدين مستغرق، أو مات لا عن تركة فالقصاص لورثته أيضاً وإن لم يرثوا شيئاً‏;‏ لأن فيهم قوة الإرث، وأنه لو كان له مال زائد عن الدين لورثوه منه، فكذلك القصاص‏.‏

وقال أبو حنيفة‏:‏ المقصود من القصاص هو التشفّي، وأنه لا يحصل للميّت، ويحصل لورثته، فكان حقّاً لهم ابتداءً، وثبت لكلّ واحد منهم على الكمال لا على الشركة، ولا يمنع ذلك أن للميّت فيه حقّاً حتى يسقط بعفوه‏.‏

وذهب المالكية إلى أن استيفاء القصاص لعصبة المجنيّ عليه الذّكور فقط، سواء كانوا عصبةً بالنسب كالابن، أو بالسبب كالولاء، فلا دخل فيه لزوج ولا أخ لأمّ أو جدّ لأمّ، يقدم فيه الابن ثم ابن الابن، ويقدم الأقرب من العصبات على الأبعد، إلا الجدّ، فإنه يكون له مع الإخوة بخلاف الأب، والمراد بالعصبة هنا العصبة بنفسه لاشتراط الذّكورة فيه، فلا يستحقّه عصبته بغيره أو مع غيره‏.‏

إلا أن المالكية نصّوا على أن القصاص يكون للنّساء بشروط ثلاثة‏:‏

الأول‏:‏ أن يكن من ورثة المجنيّ عليه، كالبنت والأخت‏.‏

والثاني‏:‏ أن لا يساويهن عاصب، فإن ساواهن فلا قصاص لهن، كالبنت مع الابن، والأخت مع الأخ، فإنه لا حق لهما في القصاص، والحقّ فيه للابن وحده، وللأخ وحده‏.‏

والشرط الثالث‏:‏ أن تكون المرأة الوارثة ممن لو ذُكّرت عصّبت، كالبنت والأخت الشقيقة أو لأب، فأما الزوجة والجدة لأمّ والأخت لأمّ‏.‏‏.‏‏.‏ فلا قصاص لهن مطلقاً‏.‏

فإذا كان للمجنيّ عليه وارث من النّساء، وعصبته من الرّجال أبعد منهن، كان حقّ استيفاء القصاص لهن وللعصبة الأبعد منهن‏.‏

وقد اتفق الفقهاء على أن لكلّ من الأولياء المنفردين والمتعدّدين توكيل واحد منهم أو من غيرهم في استيفاء القصاص‏.‏

والتفصيل في مصطلح ‏(‏وكالة‏)‏‏.‏

وللأب حقّ استيفاء القصاص عن ابنه عند الحنفية لولايته عليه، أما غير الأب من أولياء النفس كالأخ والعمّ فله ذلك أيضاً عند أبي حنيفة خلافاً لأبي يوسف‏.‏ أما الوصيّ فليس له استيفاء القصاص عن القاصر المشمول بوصايته‏;‏ لأن الوصاية على المال فقط وليس القصاص منه‏.‏

وذهب الشافعية والحنابلة إلى أن الولي لا يستوفي القصاص عمن يلي عليه، أباً أو غيره‏.‏

فإذا لم يكن للمقتول وارث ولا عصبة، كان حقّ استيفاء القصاص للسّلطان عند الجمهور لولايته العامة، وقال أبو يوسف‏:‏ لا ولاية للسّلطان في استيفاء القصاص إذا كان المقتول في دار الإسلام‏.‏

وقال المالكية‏:‏ حقّ القصاص للسّلطان وليس له أن يعفو‏.‏

طريقة استيفاء القصاص في النفس

27 - ذهب المالكية والشافعية وهو رواية للحنابلة إلى أن القاتل يقتصّ منه بمثل الطريقة والآلة التي قتل بها، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ‏}‏، إلا أن تكون الطريقة محرمةً، كأن يثبت القتل بخمر فيقتص بالسيف عندهم، وإن ثبت القتل بلواط أو بسحر فيقتص بالسيف عند المالكية والحنابلة، وكذا في الأصحّ عن الشافعية‏.‏

ومقابل الأصحّ عند الشافعية في الخمر بإيجاره مائعاً كخلّ أو ماء، وفي اللّواط بدسّ خشبة قريبة من آلته ويقتل بها‏.‏

وذهب الحنفية وهو المذهب عند الحنابلة إلى أن القصاص لا يكون إلا بالسيف، ونص الحنابلة على أن يكون في العنق مهما كانت الآلة والطريقة التي قتل بها، لقوله صلى الله عليه وسلم «لا قَوَدَ إلا بالسيف»، والمراد بالسيف هنا السّلاح مطلقاً، فيدخل السّكّين والخنجر وغير ذلك‏.‏

28 - وذهب جمهور الفقهاء إلى أنه لا يجوز استيفاء القصاص إلا بإذن الإمام فيه لخطره‏;‏ ولأن وجوبه يفتقر إلى اجتهاد لاختلاف الناس في شرائط الوجوب والاستيفاء، لكن يسنّ حضوره عند الشافعية‏.‏

والمذهب عند الحنابلة أن لا يستوفى القصاص إلا بحضرة السّلطان أو نائبه، فإذا استوفاه الوليّ بنفسه بدون إذن السّلطان جاز، ويعزر لافتئاته على الإمام‏.‏

استيفاء القصاص في النفس

29 - يشترط لاستيفاء القصاص في النفس أن يكون الوليّ كامل الأهلية، فقد اتفق الفقهاء على أن ولي القصاص إذا كان كامل الأهلية واحداً كان أو أكثر أن له طلب القصاص واستيفاءه، فإن طلبه أجيب إليه، ثم إن كان واحداً أجيب إليه إذا طلبه مطلقاً، وإذا كانوا متعدّدين أجيبوا إليه إذا طلبوه جميعاً، فإذا أسقطه أحدهم سقط القصاص - كما تقدم - فإذا كان وليّ القصاص قاصراً، أو كانوا متعدّدين بعضهم كامل الأهلية وبعضهم ناقص الأهلية‏.‏

فذهب الشافعية وأحمد في الظاهر والصاحبان من الحنفية إلى أنه ينتظر الصغير حتى يكبر، والمجنون حتى يفيق‏;‏ لأنه ربما يعفو فيسقط القصاص‏;‏ لأن القصاص عندهم يثبت لكلّ الورثة على سبيل الاشتراك‏;‏ ولأن القصاص للتشفّي، فحقّه التفويض إلى خيرة المستحقّ، فلا يحصل باستيفاء غيره من وليّ أو حاكم أو بقية الورثة، إلا أنه يحبس القاتل حتى البلوغ والإفاقة، ولا يخلى بكفيل‏;‏ لأنه قد يهرب فيفوت الحقّ‏.‏

وعند أبي حنيفة وهو الصحيح في المذهب يكون لكاملي الأهلية وحدهم حقّ طلب القصاص، لأن القصاص ثابت لكلّ منهم كاملاً - عنده - على سبيل الاستقلال، فإذا طلبوه أجيبوا إليه، ولا عبرة بالآخرين ناقصي الأهلية‏;‏ لأن عفوهم لا يصحّ‏.‏

وذهب المالكية إلى أنه لا ينتظر صغير لم يتوقف الثّبوت عليه، ولا ينتظر مجنون مطبق لا تعلم إفاقته بخلاف من يفيق أحياناً فتنتظر إفاقته‏.‏

فإذا كان أحد الأولياء كاملي الأهلية غائباً انتظرت عودته بالاتّفاق‏;‏ لأن له العفو فيسقط به القصاص‏;‏ ولأن القصاص للتشفّي كما سبق‏.‏

زمان استيفاء القصاص في النفس

30 - إذا ثبت القصاص بشروطه جاز للوليّ استيفاؤه فوراً من غير تأخير لأنه حقّه، إلا أنه لا يعدّ مستحقّاً له حتى يموت المجنيّ عليه، فإذا جرحه جرحاً نافذاً لم يقتص منه حتى يموت‏;‏ لأنه ربما شفي من جرحه فلا قصاص لعدم توفّر سببه وهو الموت، فإذا مات ثبت القصاص فيستوفى فوراً‏.‏

وسواء في ذلك أن يكون القاتل معافىً أو مريضاً، وسواء أن يكون الوقت بارداً أو حارّاً‏;‏ لأن المستحَق الموت، ولا يؤثّر في الموت شيء من ذلك‏.‏

إلا أن الفقهاء نصّوا على أن القاتل إذا كان امرأةً حاملاً يؤخر القصاص حتى تلد، حفاظاً على سلامة الجنين وحقّه في الحياة، بل إنها تنظر إلى الفطام أيضاً إذا لم يوجد غيرها لإرضاعه، فإذا ادعت الحمل وشك في دعواها أريت النّساء، فإن قلن‏:‏ هي حامل أُجّلت، ثم إن ثبت حملها حبست حتى تلد وإن قلن‏:‏ غير حامل اقتص منها فوراً‏.‏

مكان استيفاء القصاص في النفس

31 - ليس للقصاص في النفس مكان معين، إلا أنه إذا التجأ الجاني إلى الحرم، فقد اختلف الفقهاء‏:‏

فذهب المالكية والشافعية وأبو يوسف من الحنفية إلى أن من توجب عليه القصاص، إذا لجأ إلى الحرم قتل فيه، فإن دخل الكعبة أو المسجد الحرام أو غيره من المساجد أخرج منه وقتل خارجه‏.‏

وذهب الحنفية والحنابلة إلى أنه لا يخرج منه ولا يقتل فيه، ولكن يمنع عنه الطعام والشراب حتى يخرج من الحرم بنفسه ويقتصّ منه‏.‏

هذا ما دامت الجناية وقعت خارج الحرم في الأصل، فإذا كانت وقعت في الحرم أصلاً، جاز الاقتصاص منه في الحرم وخارجه باتّفاق الفقهاء‏.‏

ما يسقط به القصاص في النفس

يسقط القصاص في النفس بأمور، هي‏:‏

أ - فوات محلّ القصاص‏:‏

32 - ذهب الحنفية والمالكية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة إلى أنه إذا مات القاتل قبل أن يقتص منه سقط القصاص لفوات محلّه‏;‏ لأن القتل لا يرد على ميّت، وسواء في ذلك أن يكون الموت قد حصل حتف أنفه، أو بقتل آخر له بحقّ كالقصاص والحدّ، وتجب الدّية في تركته عند الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة‏.‏

أما إذا قُتل القاتل عمداً عدواناً، فذهب الحنفية والشافعية وهو المذهب عند الحنابلة إلى سقوط القصاص مع وجوب الدّية في مال القاتل الأول عند الشافعية وهو المذهب عند الحنابلة‏.‏

وذهب المالكية وفي رواية عند الحنابلة إلى أن الواجب هو القصاص على القاتل الثاني لأولياء المقتول الأول‏.‏ وذهب المالكية إلى أنه إذا كان القتل خطأً فتجب الدّية لأولياء المقتول الأول في مال القاتل الثاني‏.‏

ب - العفو عن القصاص‏:‏

33 - القصاص حقّ لأولياء الدم، فإذا عفَوا عن القصاص عفْواً مستوفياً لشروطه سقط القصاص بالاتّفاق‏;‏ لأنه حقّ لهم فيسقط بعفوهم، والعفو عن القصاص مندوب إليه شرعاً لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاء إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ‏}‏، وقوله سبحانه‏:‏ ‏{‏فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ‏}‏ ولحديث أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال‏:‏ «ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم رفع إليه شيء فيه قصاص إلا أمر فيه بالعفو»‏.‏

والتفصيل في مصطلح ‏(‏عفو ف / 18 - 30‏)‏‏.‏

ج - الصّلح عن القصاص في النفس‏:‏

34 - اتفق الفقهاء على جواز الصّلح بين القاتل ووليّ القصاص على إسقاط القصاص بمقابل بدل يدفعه القاتل للوليّ من ماله، ولا يجب على العاقلة‏;‏ لأن العاقلة لا تعقل العمد، ويسمى هذا البدل بدل الصّلح عن دم العمد، ثم إذا كان الوليّ أو الأولياء كلّهم عاقلين بالغين جاز أن يكون بدل الصّلح هو الدّية أو أقلّ منها أو أكثر منها، من جنسها أو من غير جنسها، حالّاً أو مؤجلاً على سواء، لأن الصّلح معاوضة، فيكون على بدل يتفق عليه الطرفان بالغاً ما بلغ ما داما عاقلين بالغين‏.‏

والتفصيل في مصطلح ‏(‏صلح ف / 31‏)‏‏.‏

القصاص في الجناية على ما دون النفس

35 - أجمع الفقهاء على وجوب القصاص فيما دون النفس بشروطه كما في القصاص في النفس، والدليل عليه قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالأَنفَ بِالأَنفِ وَالأُذُنَ بِالأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ‏}‏‏.‏

وروى أنس رضي الله تعالى عنه «أن الرّبيّع بنت النضر بن أنس كَسَرت ثَنيّةَ جارة لها، فعرضوا عليهم الأرش فأبوا، وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر بالقصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر فقال‏:‏ يا رسول الله أتكسر ثنية الرّبيّع‏؟‏ والذي بعثك بالحقّ لا تكسَر ثنيتها، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم‏:‏ كتاب الله القصاص قال‏:‏ فعفا القوم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه»‏.‏

ولأن ما دون النفس كالنفس في الحاجة إلى حفظه بالقصاص، فكان كالنفس في وجوب القصاص‏.‏